تأصيل الأصيل ومحاورة الحداثة: قراءة في ديوان أزيز الصمت

في الملحق الثقافي لجريدة العلم ليوم الخميس 2 أبريل 2020 تقرأون هذه الدراسة القيمة التي أنجزها الناقد مصطفى فرحات لديوان أزيز الصمت

التفاعل التأملي:دراسة في تلقي القدامى شعر أبي تمام - المختار السعيدي

عن دار تموز للطباعة والنشر بسوريا؛ الطبعة الأولى 2020

صدور ديواني الثاني: الرحيل، أغنيات التيه في جنة الضياع

عن دار القلم بالرباط صدر ديواني الثاني "الرحيل: أغنيات التيه في جنة الضياع" الديوان تجدونه في المكتبات: الرباط: دار الأمان + الألفية الثالثة فاس: مكتبة الفجر تازة: مكتبة السوسي اخترت لكم هذا النص وهو القصيدة الأخيرة من الديوان:

الدهشة الجمالية

عن مطبعة عين برانت بوجدة ومنشورات جمعية الضاد صدر كتابي "تفاعل الدهشة الجماليةدراسة في تلقي شعر أبي تمام من لدن معاصريه" مقدمة الكتاب

التلقي المنتج

عن دار الأنوار بوجدة صدر كتابي النقدي الأول المعنون بالتلقي المنتج

الثلاثاء، 29 ديسمبر 2020

الاثنين، 28 ديسمبر 2020

الأحد، 27 ديسمبر 2020

الجمعة، 25 ديسمبر 2020

الجمعة، 11 ديسمبر 2020

لنْ أطبِّعْ - شعر : المختار السعيدي






لن أطبعْ - شعر : المختار السعيدي

=================

لنْ أطبّعْ

ولوِ انساقتْ ملايين الحناجرْ

خلْفَ وهْمٍ، خلْف مطْمَعْ

لنْ أطبّعْ

نورُ عيني لا يَرى فيكَ سوى بؤسِ المجازرْ

وفؤادي نابِضٌ بالغضبِ المدفونِ في عُمْقِ المشاعرْ

لن أطبعْ

قاتل الأطفال يبقى لي عدوّا

غاصب الأحلام يلقاني عدوّا

سارق الآمال يشْقى بي عدوّا!

بشِعٌ أنْت و"تاريخك" أبْشعْ

هكذا علّمتُ أولادي

كذا علمتُ أحفادي

يدي حين تراها

رُفعتْ يا أيها العابرْ

تأملْ

في مداها

واقرأ السّمْياء في بُركان عيني

ثمّ أوّلْ

بعْض ظنّي

منْ رؤاها

وحْدَك اسْألْ

وأجبْني:

أرفعْتُ اليدَ مني 

كيْ أطبِّعْ..

أمْ لِأَصْفَعْ؟!

======================

المختار السعيدي

11 دجنبر 2020

السبت، 24 أكتوبر 2020

أخطاء عروضية - د محمد مفتاح (مفاهيم موسعة لنظرية شعرية) - بقلم: المختار السعيدي

 لست أدري كيف غاب عن الناقد المغربي د. محمد مفتاح أن القصيدة من بحر المتدارك، فزعم أن نص المجاطي من بحر المتقارب وقطعه هذا التقطيع الغريب، رغم أن التفعيلة (وليس التفعلة كما يقول) الأولى توصلنا إلى نوع البحر بيسر: كان حيـ= فاعلن؛ وأرى أن هذا الخلط يرجع إلى وقوع البحر مع المتقارب في الدائرة نفسها، إلى جانب اعتماد الشاعر التدوير الذي يجعل بدايات بعض الأسطر تسير على إيقاع المتقارب، من ذلك السطر الثالث: 

أعد له قهوة العصر

في ظاهرها : فعول فعولن فعولن فـ...

لكن تقطيع السطر: 
علن فعِلن فاعلن فاع....

وبذلك ينسف هذا الخطأ الأحكام التي انبنت عليه لاحقا في هذا النص!

بل من العجيب الغريب أن يقف الناقد عند البداية فيقول بالحرف: 
"ثانيا: يلاحظ أن هناك خدعة عروضية وظفها الشاعر لتضليل قارئه حتى لا يعثر بسهولة على نوع إيقاع القصيدة. تبتدئ القصيدة ب (كان حين)، ثم (كان يمنحني)، ولا يستقيم الإيقاع هنا إلا بحذف (كا) أو بعدم اعتبارها؛ وعليه، فإن (كا) إما من قبيل ما يسميه العروضيون بالخزم الذي أتوا له بشواهد عديدة؛ وإما أن القصيدة مدورة لتكميل آخر تفعلة [هكذا] الما (ئدة) ببداية أول تفعلة [!] (كا)؛ أي فعولن"

أقول: 

إن الناقد قد وقع فعلا ضحية تضليل قلة باع في علم العروض، حيث إن نفي استقامة الإيقاع باعتبار البداية ينافي ما يسهل على مبتدئ في علم العروض أن يصل إليه بدون تيه في خزم ولا تدوير غريب (تكميل آخر التفعيلة ببداية أول التفعيلة)!

والواقع أن المجاطي قد مزج في قصيدته بين بحري المتدارك والمتقارب حيث نظم الملصقة الثانية على بحر المتقارب؛ وعلم العروض يميز بين الإيقاعين، غير أن نظام التفعيلات الرقمية يجعل الإيقاع يتراوح غالبا بين 4 و5، دون تمييز بين البحرين!!


ينظر الجزء الأول من "مفاهيم موسعة لنظرية شعرية) ص 200 وما بعدها






السبت، 26 سبتمبر 2020

أريج الأفهام في عروض الأرقام - د. المختار السعيدي

 

البيت الأول:
الشطر الثاني يشير إلى التفعيلات الرقمية التي غدت تزن العروض الرقمي بدل التفعيلات الخليلية، فكل رقم يختزن قيمة صوتية يستحضرها الذهن؛ وذلك أن هذه الأرقام هي حصيلة نظام خاص وليست اعتباطية مما سيوضحه البيت الثاني.
البيت الثاني: 
شطره الأول يبين نظام العد: "اعدد"، ونظام العد خاص يشمل كما هو معلوم في علم العروض حروف النطق وليس حروف الخط، وما يميز هذا النظام هو العد إلى حدود الحرف الثالث، ووضع الرقم المناسب 3 إن كان ساكنا، ولم يتم التنصيص على السكون لأن المثال يوضحه "على" = عَ لَ ى =3، فإن لم يكن ساكنا نواصل العد إلى حدود خمسة التي يجليها المثال: حادث = حَ ا دِ ثِ ي = 5.
البيت الثالث: 
يوضح شطره الأول أرقام التفعيلات الرقمية: 3، 4، 5؛ والشطر الثاني يبين حقيقتين: أن 3 نوعان، ويبين أيضا أننا نتوقف عند 5 ولا نعد 6.
البيت الرابع: 
يشرح الثلاثتين وعدم اعتبار السادس: "كاعتبروا" = 3م 3 = كَ عْ تَ بِ رُ وْ، حيث إن 3م = كَ عْ تَ؛ 3 = بِ رُ وْ
وشبيه بوجود نوعين من 3 نجد كذلك التفعيلة الرقمية 4، فهي نوعان:

4 التي على زنة "رَبْعٍ" = رَ بْ عُ نْ، 4م التي على زنة "رُبُعٍ" = رُ بُ عِ نْ.

الأحد، 23 أغسطس 2020

قراءة في بلاغ السبت: "تعليم حضوري" يربك "التعليم عن بعد" - المختار السعيدي

 

بلاغ السبت زاد الدخول المدرسي ارتباكا وقذف به في لجة الغموض، حاول أن يمسك العصا من الوسط لكنه لم يمسك العصا أصلا،

يتحدث البلاغ عن السياق المحدد في "التدابير الاحترازية لمواجهة الوباء"، ويصف الوضعية الوبائية بـ "المقلقة"، والأهم هو الحديث عن "مخطط متكامل" بلورته وزارة التربية الوطنية، يتم تنزيله وفق المستجدات الوبائية؛ ولست أدري هل المخطط المتكامل هو المقرر الوزاري المنظم للموسم الدراسي 2020/2021، أم هو سر من أسرار وزارة التربية الوطنية يتم تنزيله من عل، أمام كل مستجد يراه المدبر كذلك؟

مهما يكن فقد أعلنت الوزارة في الفقرة الثانية من البلاغ عن قرارها المتمثل في تبني صيغة "التعليم عن بعد"، وهو ما يحيلنا على أحد السيناريوهات التي حددتها الوزارة سابقا، وينسجم مع تطور الوضعية الوبائية، علما أن هذا القرار يشمل فقط بداية الموسم الدراسي – في انتظار بلاغات جديدة تحدد دلالة مفهوم البداية – كما يشمل "جميع الأسلاك والمستويات بكافة المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية ومدارس البعثات الأجنبية"؛ إلى حد هنا يمكن اعتبار القرار سليما ومنطقيا؛ غير أننا نفاجأ بعبارة في الفقرة نفسها تنسف القرار نفسه، وتوقع القارئ في حيص بيص؛ وهي: (مع توفير "تعليم حضوري" بالنسبة للمتعلمين الذين سيعبر أولياء أمورهم عن اختيار هذه الصيغة، على أن يتم وضع آلية تمكن الأسر الراغبة في ذلك من التعبير عن هذا الاختيار)

تنكير "تعليم حضوري" في هذه العبارة له دلالته، لما يفيده التنكير من إبهام وغموض، فحتى التعليم عن بعد الذي عرفنا بعض تجلياته خلال نهاية الموسم الماضي ورد بصيغة التعريف، بينما التعليم الحضوري هنا يبقى مبهما غامضا، لأنه من جهة يخضع لشرط تعبير الأولياء عن رغبتهم في اختيار هذه الصيغة، عبر آلية لم تحدد بعد !

هذه الصيغة تختلف بدون شك عن التعليم الحضوري المألوف لأنها ترد في ظروف استثنائية ومقيدة باتباع التدابير الاحترازية، وهي قبل ذلك مشروطة بتعبير الأولياء عن رغبتهم فيها عبر آلية ننتظر صيغتها وجدولتها الزمنية...

لا يمكن أن نمر على هذه الصيغة دون أن تذكر اجتماع رئيس الحكومة ووزير التربية الوطنية مع أرباب المؤسسات الخاصة بداية غشت بعيد صدور المقرر الوزاري المنظم للدخول المدرسي، حيث ألح أرباب المؤسسات الخاصة على ضرورة تبني صيغة التعليم الحضوري، لأن التعليم عن بعد حرمهم من موارد مالية وخلق لهم مشاكل مع آباء التلاميذ الذين لم يقنعهم أداء المؤسسات الخاصة عن بعد، حيث اعتمد جلها على تطبيق الدردشة الوتساب من أجل تقديم دروس تعليمية عن بعد!

هذه الصيغة – تعليم حضوري -  أربكت القرار الأصل، وقد تجرده من قيمته في حال تعبير أكبر عدد من الأسر عن رغبتها في الصيغة الحضورية، مما يجعل هذا القرار مؤجلا إلى حين معرفة الأسر الراغبة في الصيغة الحضورية، مما يلزم معه تأجيل التخطيط وجدولة الحصص وتشخيص المكتسبات والدعم إلى ما بعد الاطلاع على تصنيف جديد يفيئ التلاميذ إلى صنفين: صنف التعليم الحضوري، وصنف التعليم عن بعد؛ ولكل صنف طريقة تدريس وتقويم، وقبل ذلك طريقة بناء جدول حصص للمدرس والمتعلم كليهما، وتحديد أقسام وتوزيع أساتذة....

مما يجعلنا أمام سيناريوهات جديدة ولكل سيناريو خطة عمل:

ü      سيناريو اختيار الأغلبية الصيغة الحضورية

ü      سيناريو اختيار الأغلبية للتعليم عن بعد

ü       سيناريو تقارب الاختيارين...

ومهما كان السيناريو، فإن الثابت أن ذلك سيفتح شرخا جديدا في بينة النظام التعليمي، ويجعل باب الأسئلة مشرعة:

كيف سيتم تحقيق تكافؤ الفرص بين المدرسة العمومية والخصوصية في حال ظهور البون جليا في اختيار إحدى الصيغتين بين المدرستين؟

كيف سيتم تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين تلاميذ المؤسسة نفسها ممن اختلفت اختياراتهم بين الصيغتين؟ وكيف سيتم توزيع الأساتذة؟  وقبل ذلك تحديد البنية التربوية للمؤسسة؟ علما أن التسجيل وإعادة التسجيل لم تبدأ بعد، وقد كانت – في الظروف العادية – تتم في نهاية الموسم السالف، ورغم ذلك كنا نشهد تأخرا في الانطلاق الفعلي للعملية التعليمية التعلمية.

كيف سيتم تقويم التعليم عن بعد في ظل وجود تلاميذ يتلقون تعليما حضوريا؟ وما مدى فاعلية التقويم عن بعد؟ وهل سيكون بمستوى التقويم الحضوري؟ ألا يعمق هذا الفجوة بين التلاميذ!!

ما محل شهر شتنبر المخصص لدعم التعثرات التي سجلها التعليم عن بعد في شهور الموسم الماضي؟ هل سيستفيد تلاميذ التعليم الحضوري من ذلك الدعم ويحرم منه تلاميذ التعليم عن بعد؟ بل ما محل الفئة الثالثة التي سكت عنها البلاغ: فئة التلاميذ الذين لا يتمكنون من متابعة التعليم عن بعد وليس بإمكانهم التعليم الحضوري...

ألا يعد توفير "تعليم حضوري" مجازفة بصحة المتعلمين "الأطفال" خاصة؟

كيف سيتم تقديم الدرس حضوريا في ظل إلزامية الكمامات، مع ما يتطلبه من تباعد، وحرص على تجنب اللمس "الأوراق والدفاتر والكتب والأقلام والسبورة..."....

وما دمنا تحدثنا عن الكمامة، فإن الغريب في البلاغ الإخباري هو الحديث عن إلزامية الكمامات ابتداء من المستوى الخامس ابتدائي، فهل تلاميذ المستوى الرابع يعفون من الكمامات؟ أم يعفون من التعليم الحضوري؟ ألا يمكن أن يكونوا ناقلين للفيروس أو منقولا إليهم؟؟

يتحدث البلاغ عن تقليص عدد التلاميذ، وهو ما يفتح المجال أمام تغيير عميق في الجدولة الزمنية والبنية التربوية للمؤسسة، ويتطلب ترشيدا آمنا للموارد البشرية في حال اختيار الصيغة الحضورية من لدن أسر كثيرة؛ ونحن نعلم أن ثمة خصاصا في الموارد البشرية في الأقسام المكتظة أصلا؛ مما يجعل تقليص الحصص الأسبوعية ضرورة ملحة، لكن كيف سيتم ذلك؟ وهل ستكون بعض المواد ضحية قرارات رعناء!!

نجد حديثا عن إمكانية تكييف القرار على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الجهوي في فقرة موالية من البلاغ: فهل ثمة معايير محددة تشكل مرجعا يمكن أن يعتمد في هذا التكييف؟

ألا يعد تأجيل الامتحان الجهوي إشارة ضمنية للأسر بضرورة تبني التعليم عن بعد، لأن الامتحان الجهوي يخص مستوى واحدا "الأولى بكالوريا" ويتضمن ثلاثة مواد أو أربعة " ويجرى في يومين، فلماذا التأجيل في وقت تحرص الوزارة على توفير "تعليم حضوري"، مع العلم أن هذا الامتحان جهوي: وقد رأينا أن الوزارة تحدثت عن إمكانية تكييف القرار جهويا...فهل هذا يعني أن الوزارة تفكر في إلغائه وتقديم بديل لامتحان وطني استثنائي تدمج فيه مواد الامتحان الجهوي؟

هذه بعض الأسئلة التي نهدف من خلالها إلى الدفع بالنقاش إلى السكة الصحيحة، بعيدا عن النقد المجاني، لأن الظرف استثنائي يتطلب تظافر جهود الجميع...

وفي هذا الصدد أقترح تأجيل التحاق التلاميذ بالمدارس، مع تخصيص شهر شتنبر لتكوين الأطر التربوية وتبيئة المؤسسات وتجهيزها وتوفير الموارد الرقمية، على أن يتم التحاق التلاميذ ابتداء من أكتوبر عبر تفويجهم وإعادة النظر في توزيع ساعات التعلم عبر المزاوجة بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد، ودعم الفئات الهشة عبر توفير الأجهزة والموارد الرقمية وكذا توفير الانترنت المجاني للمواقع التعليمية التي تقدم الدروس الرسمية....وعلى الله قصد السبيل

المختار السعيدي

 

 

 


الثلاثاء، 28 يوليو 2020

السبت، 18 يوليو 2020

الخميس، 16 يوليو 2020

كتابة بحبر العدم! شعر: المختار السعيدي




كتابة بحبر العدم!
__________________________
كتبْـتُ نصي الأخير بالعدمِ
.......فارتجّ ظلّ الوجود في قلمي
وسال حبرٌ لم أدْر حينئذٍ
......بأنّه في الحياةِ بعضُ دمي
خطّ سرابا ثم اقتفى أثري
.....وسار في داخلي بلا قدم
حتى وصلْنا إلى نهايتنا
.....قلت له سِلْ وسَلْ عنِ الرحم
سوف ترى المعنى باكيا أسفا
.....سوف تراني كالحزن في السأم
أنا ابن عمّ الذين قدْ كتبوا
......تاريخهم في لوحٍ من الألمِ
فظلّ محْفوظا لا يبدّله
.....إلا الذين ارتووا من النّدم
فقلْ لهمْ يا حرفي الأخير هنا
....يكتبني من يغوص في الكلِم
هنا إذا أبرق النوى أملا
.....ينشدني العاشقون دون فم
هنا سيحْيا من مات مبتئسا
...حين  يرى ذا الوجود كالعدم!
======
المختار السعيدي
16 يوليوز2020

الأحد، 21 يونيو 2020

تعليم اللغة العربية وتعلمها عن بعد بين هاجس الاستمرارية وطموحات التطوير - ندوة عن بعد: المنسقية الجهوية للائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية فاس مكناس


د. حميد حماموشي
نظمت المنسقية الجهوية فاس مكناس للائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية يوم: الجمعية 19/06/2020 ندوة تفاعلية عن بعد في موضوع “تعليم اللغة العربية وتعلمها عن بعدٍ بين هاجس الاستمراريةِ وطموحاتِ التطويرِ” بمشاركة العديد من الأساتذة والخبراء.
وفي كلمته الافتتاحية أكد الدكتور حميد حماموشي، رئيس المنسقية، بالسياق الذي نُظمت فيه الندوة، وهو سياق الجلسات الفكرية والتربوية التي دأبت المنسقية الجهوية فاس مكناس على تنظيمها، إلا أنها نظمت في ظروف استثنائية يعيشها العالم عامة والمغرب خاصة، وهي ظروف جائحة “كورونا”، التي فرضت على مسيري الشأن التربوي في المغرب التكيف، والتأقلم بشكل يسمح باستمرارية الدراسة عن بعد. لذا ارتأى أعضاء المنسقية تنظيم هذه الندوةَ التربويةَ التفاعلية عن بعد، لمزيد من الاستيعاب لهذه التجربة التي خاضتها وزارة التربية الوطنية، وتسليطِ الضوء عليها، وأيضا لمزيدٍ من تحليل بعض الإشكالياتِ والعراقيلِ التي قد تعيق هذه التجربة، أو تفشلها. وتم توزيع الندوة إلى محاور أربعة:
1. الفرق بين تعليمِ اللغةِ العربية وتعلُّمها في المدرسة (الابتدائي- الإعدادي- الثانوي التأهيلي) والجامعة، ومراكز التكوين حضوريا، وتعليمها وتعلمها عن بعد.
2. إجراءاتُ تعليم اللغة العربية وتعلمها خلال ظروفِ هذه الجائحة التي مرت بها البلاد، ومدى استجابتها لمعاييرِ التعلم عن بعد وشروطِه.
3. تدريس مادة اللغة العربية عن بعد، ومدى انسجام ذلك مع البعد التواصليِّ المرتبط بكفاياتها المسطرةِ في المنهاج التعليمي.
4. التجديد في وسائل تدريسِ العربية وتطويرِ آلياته لتحقيق التطوير المنشود.
وفي مشاركة الدكتور محمد دخيسي أبو أسامة (من المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين للجهة الشرقية ).أكد أن هناك مشاكل كثيرة تعيق العملية التعليمية التعلمية عن بعد، لا سيما في مراكز التكوين، ومن أهمها ما يرتبط بما هو مادي وتقني لدى الأساتذة المتدربين، وأن فرض التعليم عن بعد بشكل قسري، جعله يتسم بالفشل وعدم المواكبة من لدن جميع الأساتذة الذين غابت لديهم الرغبة، لا سيما أن الآليات المعتمدة فيه كانت تقليدية وغير مناسبة؛ كقناة الرابعة، او الرياضية …كما أن التعليم عن بعد في هذه المرحلة كان أفضل من البعد عن التعليم، كما بين ان عمليتي التقويم والتقييم في هذا النوع من التعليم، يخضع لهما الآباء عوض الأبناء، مما يضرب في مصداقية هذا التعليم عن بعد، وشدد على عدم احترام التعليم عن بعد للزمن المدرسي سواء عند الأستاذ او عند المتعلم، هذا الزمن الذي لا يعيره التعليم عن بعد أي احترام. وفي شأن العناية بالوسائل فإنها غير كافية، فالعناية الحقيقية ينبغي ان توجه إلى المناهج، لان الوسائل مكملة وليست هي عمود العملية التعليمية التعلمية مثل المناهج، كما شدد على ضرورة تغيير الطالب والتلميذ لرؤيته للوسائل التكنولوجية باعتبارها وسائل ترفيهية، إلى اعتبارها وسائل أساسية في التعليم والتعلم.
من جهتها أكدت الدكتورة فتيحة اليحياوي ( الأكاديمية الجهوية فاس مكناس المديرية الإقليمية لبولمان) أن فضاء القسم لا يمكن تعويضه بفضاء الإنترنت، لأن التفاعل الحضوري يسهم بتمرير قيم وإيقاعات خاصة تغيب في التعليم عن بعد. لذا نبهت إلى ضرورة عدم مقارنة التعليم الحضوري بالتعليم عن بعد، وانطلاقا من مجال عملها في الثانوي التاهيلي، فقد طرحت إشكالية النقل الديداكتيكي لمادة اللغة العربية عن بعد لدى التلاميذ، لا سيما في ظل غيابهم التام عن التفاعل، منبهة إلى غياب البعد التواصلي في التعليم عن بعد، وغياب التقييم الفعال أيضا، ومؤكدة على ضرورة التجديد في تعليم اللغة العربية، لا سيما فيما يرتبط ببعض دروس اللغة التي لا يتحمس لها تلاميذ الثانوي التأهيلي، ونبهت إلى حتمية تغيير برمجة بعض مكونات اللغة العربية، وإعادة طرحها بشكل ينسجم مع المستوى العام للتلميذ الحالي.
أما الدكتور المختار السعيدي (من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين الدار البيضاء سطات) فقد شدد على ضرورة مناقشة قضية التعليم عن بعد، في إطار شمولي يراعي زوايا ثقافية، وتربوية، واجتماعية، لأن كل ذلك سيحدث فروقا لا يمكن القفز عليها بين التعليم الحضوري، والتعليم عن بعد. موضحا أهم أسباب غياب التفاعل في التعليم عن بعد، والذي ربطه بطريقة الإلقاء السلبية في بعض القنوات التلفزية، والتي تعود بنا إلى بيداغوجيات تقليدية؛ مثل بيداغوجيا المضامين. إلا أنه نبه إلى ضرورة عدم محاسبة هذه التجربة الاضطرارية في التعليم، لأنها لا تخضع لأطر مرجعية منظمة عكس ما نجده في التعليم الحضوري، مؤكدا إلى وجود إيجابية خاصة للتعليم عن بعد، وهي كشفه عن مواهب كثير من المتعلمين أبانوا عنها وراء شاشات الحواسيب، في حين غابت عنهم في التفاعل المباشر، وقد نبه إلى ضرورة ربط الكفاية التواصلية بنظيرتها التكنولوجية، وشدد على ضرورة توفير البنية التحتية، والوسائل التي تساعد في إنجاح العملية التعليمية التعلمية، لا سيما تعليم اللغة العربية، التي تحتاج إلى نضج سياسي ورؤية واضحة من المسؤولين لإعطائها المكانة التي تستحقها.
أما الدكتور محمد بنلحسن (من المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس( فقد اعتبر أن المقارنة بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد مقارنة ظالمة، لا سيما أن هذا التعليم عن بعد فرضه وباء “كورونا” ولم تهيئ له الوزارة الظروف المناسبة، ولذلك ينبغي ان نقبله في هذه المرحلة بجميع عيوبه. لذا انطلق من مسلمة أساسية وهي مدى استجابة التعليم والتعلم عن بعد في هذه الظروف للحد الأدنى من التعليم عن بعد بشكل عام. وقد اقترح في هذا السياق ضرورة انسجام التعليم عن بعد مع المهارات، والقدرات، والمصاحبة، والتقويم، والتفاعلية، وتوفير الصبيب؛ وكل هذه الامور إن وُجدت – حسب تصوره- فستكون كافية لإنجاح عملية التعليم عن بعد. ومن ثمة أشار إلى أن الكفاية التواصلية الرقمية تختلف عن الكفاية التواصلية الحضورية، وهناك الكثير من الطلبة والتلاميذ والأساتذة لا يمتلكون هذه الكفاية، ولذلك وجب عقد تكوينات للجميع لتفادي الخلل. وختم تدخله بالتشديد على ضرورة أن نتحد جميعا ونطمح لتطوير تعليم العربية وتعلمها بعد الجائحة، فلا بد من تغيير في العقليات والمنهجيات والوسائل، وجعل التكنولوجيا رافعة لتطوير التعليم بشكل عام.
وفي عرض الدكتور عبد الحق العمري ( من الكلية المتعددة التخصصات الناضور) الذي تناول فيه تفاعل الجامعة مع قضية التعليم عن بعد، بين المتدخل ان الجامعة انخرطت أيضا في التعليم عن بعد بوسائل متنوعة؛ محاضرات مسجلة، ووثائق مصورة، أو مطبوعات وغيرها، إلا أنه سجل غياب تفاعل الطلبة، وضعف الوسائل الموظفة، وانعدام التقويم. مؤكدا ان تحقق البعد التواصلي يشترط الاستماع، والتحدث ثم الكتابة، وللأسف فإن تفاعل الطلبة في التعليم عن بعد كان غائبا، مما غيب النتائج المرجوة. لذا يؤكد تأييده لما طرحه المتدخلون من قبل، وهو ضرورة توفر جميع المتعلمين على الوسائل التقنية، كما شدد على ضرورة إخضاع هيئة التدريس للتكوين في مجال التعليم الرقمي، وضرورة تبيئة المجتمع بأكمله لتقبل التكنولوجيا في مجال التربية والتعليم، وتساءل في ختام كلمته عن مدى حضور القيم في التعليم عن بعد.

وفي نهاية هذه الندوة تفاعل جميع المتدخلين مع أسئلة الجمهور على الفايسبوك، في صفحة المنسقية الجهوية للائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية.

الأحد، 14 يونيو 2020

القصيدة الكوفيدية - المختار السعيدي

Covid-19 Au Maroc : Le Bon Choix Du Confinement Précoce
القصيدة الكوفيدية

===========
كانت رغبتي جامحة في أن أتسلل إلى أسوار سجن C19، لعلني أظفر بلقاء شاعر سارت به الركبان، وصار حديث الشيوخ والصبيان؛ اشتهر بقصيدة يقال إن اسمها القصيدة الكوفيدية؛ لكن من الغريب ألا أحد يعرف عنها شيئا؛ سوى أنها أثارت الرعب بين الفيروسات التي أصدرت أمرها باعتقال الشاعر في زنزانة انفرادية؛ وحرمته من أن يتواصل مع نزلاء السجن الذي يثير اسمه الرعب بين بني آدم...قررت أن أخوض المغامرة ذات ليلة من ليالي مارس؛ وضعت كمامتي بعناية على وجهي لأتقي بها شر الوباء وأعين بعض البشر؛ وحملت معي قارورة المعقم الطبيعي الذي حضرته زوجتي بعناية؛ اصطحبت أحلامي وتسللت بين متاريس الوعي واليقظة؛ استغللت انشغال حراس الجهتين اليمنى واليسرى فولجت بحركة خاطفة؛ من حسن حظي أن الفيروس المسير للسجن أمر بوضع صفات السجناء بدل أسمائهم؛ لذا كانت عيناي متلهفتين تلتقطان الحروف المكتوبة بخط تاجي: صحفي..باحث عن الشهرة...متحد لكوفيد...قصاص..روائي...وأخيرا وجدتها: شاعر....وقبل أن أطرق الباب أحسست بحركة تقترب...أطل بعينيه المتقدتين، وكأنه كان ينتظر قدومي ليبدأ في قراءة القصيدة:
سجنونا بقـولهم: كوفـــــــــــيد.....أوَيَرْضى حرٌّ سَـــــبَاهُ العبيدُ
نسجوا من جدائلِ الخوفِ حبْلا.....إنّ حبل البــــهتان ليلٌ شديدُ
كمّموا أفـــــــواه البلابلِ كي لا..... يسطع النور إنْ شَدا الغِرّيدُ

فجأة يعم صمت مطبق...أحسست بحركة من الرواق الذي عن يميني...قفزت بسرعة البرق لأجد نفسي في البيت أتصبب عرقا...ومزيج من شعور الظفر بتلك الأبيات وحسرة عدم إتمامها يكلل شعوري المبهم.....
============
المختار السعيدي

الثلاثاء، 26 مايو 2020

معجم كوفيد 19: مكتب تنسيق التعريب الرباط


صدر عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وجهازها المختص مكتب تنسيق التعريب بالرباط 
معجم مصطحات كوفيد 19 (إنجليزي – فرنسي –عربي)؛
 ويتوخى إصدار هذا المعجم غايات ثلاث:


- الإسهام في توحيد المصطلح المتعلق بفيروس كورونا على المستوى العربي.

- رصد أبرز المصطلحات المتعلقة بفيروس كورونا ومرض كوفيد 19 من المقالات العلمية، 
والمواقع المتخصصة، والمجلات الطبية، وتصنيفها وفق المنهجية المعتمدة في وضع المعاجم الموحدة؛ 
فجاء المصطلح العربي مع مقابلاته الإنجليزية والفرنسية مشفوعاً بشرح مقتضب للمعنى.

- وضع معجم مُتخصِّص بين يدي المهتمين بالمجال الصحي والوبائي يمكنهم من استعمال أداة مصطلحية مُوحَّدة.
ساهم في إعداد هذه النسخة الأولية من معجم مصطلحات كوفيد 19 كل من:
إيمان كامل النصر – إدريس قاسمي – لينا إدريسي ملولي – مرية الشوياخ – عبد الحميد الأشقري البكدوري -
 بإشراف الدكتور عبد الفتاح الحجمري مدير المكتب.
ويرجو الفريق المُعدّ من الباحثين المهتمين تمكينه، عند الاقتضاء، من ملاحظاتهم وآرائهم لأخذها بالاعتبار في الطبعات اللاحقة.
يشتمل المعجم على 188 مدخلا باللغات الثلاث العربية والفرنسية والإنجليزية، ويتضمن فهرسا عربيا وفرنسيا مصاحبا




المصدر

الاثنين، 20 أبريل 2020

درر سعيد عبيد: ليس للصلوات آذان!


ليس للصلوات آذان، ولا للأمازيغ آية، ولا للسيارات مِرآب!
سعيد عبيد
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نص‏‏
كثيرا ما يُوقِعُ استبدالُ الهمزة بالمدِّ أو قلبُ المدِّ همزةً في خلطٍ وتشويشٍ لغوييْن، بل قد يوقعُ في إضحاكٍ متهكِّمٍ، ومنه هذه العبارة التي يقعُ فيها بعضُ الصحفيين: "حان الآن رفعُ آذانِ صلاة العصر!" فكأنَّ للصلاة آذانًا لا أُذُنيْن فحسبُ، وسيَرفعُها أحدُهم😅!! أما الـ"آذانُ" بالمدِّ فجمعُ أُذُنٍ، وهي الجارحة التي بها نسمَع، وأما نِداءُ الإخبارِ بالصلاة فـ"أَذانٌ" بهمزةٍ لا بِمدٍّ، وهو مِن فِعل "أَذِنَ بالشيء يَأذَنُ إذْناً أي علِمَ". ومنهُ أيضا تسميةُ "مَرأَبِ" السيارات مِرآبًا، في حين أن "المَرْأب" على وزن "مَفعَل" هو اسمُ المكان الذي يَرأبُ السيارات، أي يجمعُها، ومنه رأبُ الصَّدْعِ أي جمعُ شمْلِه، وأما "المِرآبُ" فإما اسم آلة، وإما صفةُ مبالغةٍ للشخص الذي يقوم بفعلِ الرأب كالمِرأبِ والرأَّابِ. ومنه كذلك لفظةُ "أَيْتْ" التي تدلُّ في بعض اللهجات الأمازيغية على معنى الآلِ والقبيلة، وقد تُلفَظ أيضا "أتْ"، كقولك "أيْتْ يعقوب" أو "أتْ يعقوب"، أي آلُهُ وقبيلُه، ثمَّ أطلِق اسمُ الآلِ على المكانِ الذي هم به لابثون كما هي حال أسماء العديد من القرى والمداشر في المغرب. على أن بعضَهم يكتُبُ "أيْتْ" آيتْ بالمد، بل و"آية" [كذا!]! وهو تصحيف ومعنى بعيد؛ أما من كان ضحية ما خطَّته يدُ ضابط الحالة المدنية غير الضابط، فالله حسبُه.
وعلى ذكرِ لفظة "أيْتْ" فقد كشف الباحث اللساني العُماني سعيد الدارودي عن أسماء مجموعة من الأماكن العربية القُحة في منظقة ظَفار جنوب شبه الجزيرة العربية تحملُ أسماؤها لفظة "أيتْ" و"أتْ"، مثلَ أيت خصقور وأيت صفتير وأت خوطي، علاوة على أسماء قبائل وأماكن أخرى متطابقة تماما والبنية الصرفية للأمازيغية كمِثل أسماء تيذينام وأسطاح وإرفود وأضيضال وأذلونت وأثفيري وإكروعت وأردحيل وأحَّاراد، هذا علاوة على ألوف المقارنات اللغوية الأخرى التي تؤكِّد نظرية الأصل العربي القح لأمازيغ شمال إفريقيا من مدخلِ علم اللغة المقارِن.

الأحد، 19 أبريل 2020

ومضات تربوية - 1 -

ربما تحتوي الصورة على: ‏نص مفاده '‏1 ومضات تربوية الدروس مطروحة في الشابكة، يعرفها الأستاذ والأب والتلميذ، وإنما الشأن في مجانية الوصول إليها، وتصميمها المنهجي، وبنائها التفاعلي، فالتعليم عن بعد تمكين تواصلي، وتقنية برمجية، وإبداع فني! aalmokhtaar aalmokhtaaare f‏'‏

السبت، 18 أبريل 2020

إبداعات كورونا (4) - تَاجْمُوتْ؛ أحمد بوزفور

أحمد بوزفور.. القاص المغربي الذي رفض جائزة وزارة الثقافة - بوابة ...

تَاجْمُوتْ
ــــــــــــــــــ
مع بداية نشرة الأخبار، وأنا أنتظر سماع آخر أخبار كورونا، سمعتُ الطرقَ على الباب. الطرقُ غريب: مكتومٌ مُصْمَتٌ كأنه طرقُ جدار لا طرقُ باب. فتحتُ، فوجدتُ أمامي شخصين، ينبغي أن أقول ( شخشين )، لأنهما كانا في بسطة من الجسم، طولا وعرضا، كأنهما من أبطال السومو. قالا معا، بصوت واحد مكتوم مُصمت كطرقهما: ( أجب الملكة ). وجرَّاني من يديّ الاثنتين قبل أن أسأل عن هذه الملكة: من تكون؟
قلت: أُغلق الباب
ــ لا داعي
ــ والكِمامة؟
ــ لا داعي
وضعاني بينهما، فسرتُ وأنا أحاول أن أُوازن سيري مع إيقاعهما: إذا أبطأتُ دَعَّني الذي ورائي، وإذا أسرعتُ صدمني الذي أمامي... حتى وصلنا إلى قصر منعزل في ضواحي المدينة: قصر ليس له نوافذ ولا شرفات ولا أبواب. وله قباب مجنحة كأنها قبعاتُ الكوبوي، وحجارةٌ صفراء تعكس ضوء الغروب فيزيدها صفرةً وشحوباً، ويُضفي عليها رهبةً غريبة، كأنها ذَهَبٌ مريض.
دارا، ودرتُ بينهما، حول القصر حتى وقفا بي أمام باب مدفون لا يكاد يُرى، كأنه بابُ قبو. انفتح الباب على دهليز ( أو نفق؟ ) مظلم، سرنا فيه ببطء جنائزي، وأنا أستعين على الخطو:
ــ بتلمس جدارين صلبين باردين عن يميني وعن يساري
ــ وبالتفرُّس في قفا الجدار البشري الذي أمامي، والذي بدا لي ــ حجما وكثافةً ــ كأنه ظلامٌ داخل الظلام
ــ وبالتملص من الكير البشري الذي ورائي، والذي كان ينفث في قفاي أنفاسَ تنِّينٍ نَزَّاعةً للشَّوَى.
وصلنا إلى ما يبدو أنه باب، لأن الجدار البشري أمامي وقف. ثم أشعل مصباحاً يدويا أضاء باباً حديديا ضخما، قرأتُ مكتوباً في أعلاه:
( أيها الداخلون. اطرحوا عنكم كلَّ أمل )
فارتعدت فرائسي ( كانت فرائصَ، فلما قرأتُ هذا السطر الجحيمي أصبحت كلُّها فرائس ). طرق الجدارُ البشري الباب طرقَه القطنيَّ المكتوم، فانفتح البابُ على ضوء غسقي، وعلى روضة ( بكل معاني الروضة في الفصحى والدارجة ): أشجار ومياه وأعشاب... ولكنها جميعا شاحبةٌ صامتة يُشِعُّ منها نور قدسي كنور كُوَى المساجد، ويشيع فيها عبيرٌ مدوّخ، كأنه مزيج من عبق الصندل ورائحة الحنوط.
أوقفني الخازنان السياميان على بحيرة ساكنة كأن ماءها ملح أو كأنها جزء مقتطَع من البحر الميت. وقالا لي: انتظر هنا.
تلفَّتُّ حولي فرأيتُ على ضفة البحيرة، قريبا مني، رجلا أعمى يحتضن عوداً يحنو عليه حُنُوَّ المرضعات على الفطيم، ويكاد يضع أذنه اليمنى على أنامل يده التي تضرب على أوتار العود ضرباتٍ خافتةً متقطِّعةً، كأنه يُدَوْزِنُ ويضبط قبل أن يبدأ.
أحس الأعمى بخطواتي، فرفع رأسه وتفرَّسَ فيّ بأذنه اليسرى.. فلما وقفتُ بجانبه قال لي:
( اجلس. أنت جمهوري. سأُسمعك أغنيةَ اليوم. الشعرُ لي، واللحن كذلك، وهو من خفيف الثقيل الثاني ).
ثم بدأ العزفَ والغناء:
( سَجَا ليلُنا، والعاشقون تزوَّجوا
حبائبَهم، واختارَ ما قَدَروا القَدَرْ
ف ( فَوَّزَ ) عبَّاسٌ، و ( عَزَّ ) كُثَيِّرٌ
و ( بَثْنَنَ ) عينيه جميلٌ مدى العُمُرْ
و ( أَلْيَلَ ) قيسٌ قبلهم، وتناولَتْ
يداه ( الثُّرَيَّا )، قاعداً، عُمَرُ القَمَرْ
ونال أمانيه ب ( عبلةَ ) عنترٌ
وأُعْطِيَ ( أَسْماءَ ) المرقِّشُ فاستقَرّْ )
ثم غرس الأعمى عينيه البيضاوين في عينيّ وهو يختم أغنيتَه:
( ولم يبق إلا أنْ أُزَوَّدَ لحظةً
، ولو قَصُرَتْ، من ( زهرةِ ) القلب والنظَرْ )
ثم قال لي: ما رأيك؟ قلت: حلم جميل. ولكن، حدثني عن ملكة هذه الديار، ما اسمها؟
ـــ يسمونها هنا ( تَاجْمُوتْ ). ولكنها كانت تُسمى قديما بأسماء مختلفة، فقد سماها الشنفرَى: ( أُمَّ عامر )، وسماها زهير ( أم قشعم )، وسماها الأعرابُ: ( أم مِلْدَمْ. التي تأكل اللحمَ وتشرب الدَّمْ )، وسماها خلَف الأحمر: أمَّ طَبَقْ:
( قد طَرَّقَتْ ببكرها أمُّ طَبَقْ
فأولدوها خبَراً ضخْمَ العُنُقْ
أطبقَ بالنَّحْسِ على كلِّ أُفُقْ )
وسماها المتنبي ( بنت الدهر )، وسماها المعجمُ الشعبي ( بنت الذين )، وسَمَّا... دقاتٌ متتابعة قطعتْ سردَ الأعمى، كأنها دقاتُ المسرح قبل رفع الستار.. ثم سمعنا صرخة كأنها صرخة ( محكمة ).. ولكنها كانت تعلن: ( الملكة تاجموت ).
ودخلت الملكة إلى الروضة، يتبعها موكبٌ من الخَزَنَة والزَّبانية. ولم تكن بحاجة إليهم، فهي وحدها ( بوجهٍ تَغَوَّلَ فاستغول، وشعر ( شعاعكُهُ ) مستشْزِراتٌ إلى الرَّدَى، وعينين حمراوين قانيتين كعيون الكلاب المسعورة.. وعلى رأسها المُغَوْفَل تاجٌ من العوسج يَخِزُ العيونَ قبل الجلود... ) هي وحدها، بهذا كله، تحمي ما حولها من الأرض حِمَى كُلَيْب بن وائل.
وقصدتني... آه يا أحبابي!! قصدتني.. فذبتُ حتى لم أعد أرى مني إلا خوفي. مدت يدَها المذراة المعقوفةَ إلى فمي، وأخذتْ تُقلِّبُ أسناني كما يُقلِّبُ الشَّنَّاقُ خروفَ العيد. ثم جسَّت ضلوعي البارزةَ، وقالت لمن حولها: ( ليس بعد. ردُّوه إلى مِذْوَدِه )، فلم أشعر إلا وأنا وحدي أمام باب شقتي المفتوح ما يزال. دخلتُ وأغلقتُ ( غَلَّقتُ ) البابَ خلفي، وأسرعتُ إلى الدوش.
( تَحَمَّمْتُ وتنَشَّفتُ ) كما يقول جبران... ولبستُ ( لِبْسَةَ المُتَفَضِّلِ ) كما يقول امرؤ القيس... و ( تكربعْتُ ) أمام التلفزيون، كما أقول أنا. أشعلتُه، فرأيتُ الدكتور اليوبي يتلو تقريرَه اليومي عن ضحايا كورونا. سكتَ حين رآني. تفحَّصني بعينيه الطبيبتين من وراء نظَّارته، وقال لي، من داخل شاشته ومن وراء كِمَامته،: ( ماذا جرى لك؟ ). قلتُ له:
ــ آه يا دكتور:
قد كان ما كان، ممَّا لستُ أذْكُرُهُ
فَظُنَّ خيراً، ولا تسألْ عن الخَبَرِ .

دراسات جديدة: كورونا يهاجم الأعصاب والدماغ


عالم فرنسي بمعهد باستور انتقد فرضية أن فيروس كورونا نجم عن خطأ في المختبر (غيتي)
دراسات جديدة
لاحظ الأطباء الذين يعالجون مرضى كوفيد-19 في نيويورك بشكل متزايد أن أعراضا أخرى تظهر مع الحمى والسعال وضيق التنفس، إذ يبدي بعض المرضى ارتباكا لدرجة أنهم لا يعرفون أين هم وفي أي سنة.

ويرتبط عدم القدرة على تحديد المكان والزمان في بعض الأحيان بنقص الأكسجين في الدم، ولكن لدى بعض المرضى يبدو مستوى الارتباك غير متناسب مع مستوى الالتهاب في الرئتين.
وتقول جنيفر فرونتيرا، اختصاصية الأعصاب في مستشفى جامعة لانغون في بروكلين، إن هذا يطرح سؤالا بشأن مدى تأثير فيروس كورونا المستجد على الدماغ والجهاز العصبي.
وبدأت بعض الدراسات بوصف الظاهرة؛ ففي مجلة جمعية الطب الأميركية (جاما)، ذكر أطباء الأسبوع الماضي أن 36% من 214 مريضا صينيا ظهرت عليهم أعراض عصبية، تراوح بين فقدان حاسة الشم وآلام الأعصاب وحتى الإصابة بنوبات وسكتات دماغية.

وفي مجلة "نيو إنغلند جورنال أوف مديسين" الطبية الأميركية المرموقة، أفاد أطباء فرنسيون في ستراسبورغ بأن أكثر من نصف مرضى وحدة العناية المركزة البالغ عددهم 58 مريضا، كانوا مرتبكين أو مضطربين، وكشفت صور الدماغ عن التهاب محتمل لديهم.
وقال س. أندرو جوزيفسون رئيس قسم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو -لوكالة الصحافة الفرنسية- "الجميع يقولون إنها مشكلة تتعلق بالتنفس، لكنها تؤثر أيضا على شيء ثمين جدا بالنسبة لنا وهو الدماغ".
ويضيف "إذا شعرت بالارتباك، وواجهت مشكلة في التفكير، فهذه أسباب وجيهة لرؤية الطبيب.. إن الفكرة القديمة التي تقول إن علينا أن نذهب فقط عندما نشعر بضيق شديد، لم تعد صائبة".
المصدر : الجزيرة + وكالات

شعبنا "القاصر"، حرسه الله...بقلم: عز الدين بوينت

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏يبتسم‏‏



شعبنا "القاصر"، حرسه الله...


المشهد الأول:

لا أتفق بتاتا مع الدعوى التي قيل إن طبيبة رفعتها ضد محمد الفايد على خلفية نشاطه التواصلي المتعلق بنصائحه في التغذية، وما تفرع عن ذلك من مزايدات يتحمل طرفا السجال معا مسؤولية ما عرفته من انحرافات، مهما كانت المبررات التي سوغت هذه الخطوة، وأختلف مع من ساند هذا المسار.
لا نية لدي للانخراط في اي تعليق على ما يدور في الموضوع من دعم او تسفيه.. أكتفي بشرح مختصر جدا لوجه اعتراضي على مسار التوجه الى القضاء في مثل هذه المواضيع.
مهما قيل في تسويغ الخطوة، بل وفي تأجيج الحملة من أساسها، فالموضوع يظل في أصله وفرعه متعلقا بنطاق التواصل والتعبير والحرية التي ينبغي ان يغار عليها الجميع في هذا الباب. هذا بلا زيادة ولا نقصان هو التكييف الذي ينبغي ان نحرص على بقاء الموضوع في نطاقه، بغض النظر عما نحن مختلفون فيه. لا نملك فائضا من حرية التعبير وهوامشها حتى نسمح لأنفسنا بتبديده بأيدينا ذات اليمين وذات الشمال، والحال اننا لحد الآن ما زلنا نكابد من أجل ترسيخ هذه الحرية كحق انساني غير مشكوك في جدارتنا به.
لا أريد لقضاء بلدي ان يصير مرتعا لدعاوى الحسبة السيئة الذكر، التي عانى من تبعاتها وويلاتها، مثقفون مصريون وعرب كثر (طه حسين، نجيب محفوظ، سيد القمني، نصر حامد ابو زيد، مارسيل خليفة.. واسماء أخرى اقل شهرة). ولمن يساند هذه الخطوة اليوم أقول: لا تنس ان الدوائر تدور، وغدا ستصير السابقة طريقا سالكا لإسكات كل مخالف، من المعسكر الذي تدافع عنه انت اليوم. إذا قبلنا مثل هذه المبادرة الآن فلن يكون بمقدورنا ان نرفضها غدا حين تستعمل ضد من نظن انه جدير بتأييدنا. القول إن سجالا يهم افكارا او اقوالا، مهما بلغ حماسنا لهذا الطرف أو ذاك منه، ينبغي ان نحله أمام القضاء، وان ينبري لذلك أشخاص ينصبون انفسهم نوابا عن المجتمع(محتسبين) دون ان يوكل لهم احد هذه التمثيلية، خاصة وأن القضية التي يصطنعونها لا تعنيهم مباشرة ولا صفة لهم فيها إلا من حيث موقفهم الفكري، هذا في تقديري أمر يهدد مجمل مناخ التعبير في بلدنا، في كل القضايا وبدون استثناء.
المشهد الثاني:
لا أقبل ما جرى بخصوص ما يعرف بقضية "أمي نعيمة" وانتهى بالحكم بسجن المعنية فيها لمدة سنة بتهمة نشر أخبار كاذبة وعدم تنفيذ أوامر السلطة العمومية. توجيه هذه التهمة بالذات لتلك السيدة (بغض النظر عما قد أكون جاهلا به من خبايا الملف) تركت مرارة في حلقي. فهذه السيدة ليست صحفية، حتى تنشر خبرا صحيحا أو كاذبا؛ والكذب خارج المجال المهني، فيما أعلم ليس جريمة قانونية إلا في نطاق شهادة الزور. ولا اتخيل ان دولة ذات قدر جليل تصرف جهدها لتعقب الكذابين من مواطنيها ومحاكمتهم، ما لم يكن كذبهم بغرض القيام بجريمة اكبر.
والأدعى الى الخجل، ان الكذبة المشؤومة التي اوردت صاحبتها المهالك هي إنكار وجود فيروس كورونا !!!!.
متى صار الايمان بوجود كورونا جزءا من عقيدتنا الرسمية؟ ما الذي نرجوه من سجن مرأة قالت على الملأ إنها لا تؤمن بكورونا؟ هل ننتظر منها ان تغير عقيدتها الكورونية؟ أم أن تتظاهر بذلك فتصبح منافقة كورونية؟ ؟؟؟؟ من لا يؤمن بشيء لا يمكنك إرغامه على تصديقه عن طريق الإكراه. هذا أسلوب يعود إلى القرون الوسطى.
لماذا علينا أن نصدق وجود كورونا؟ هل لأن الدولة قررت ذلك، أم لأن كورونا موجود بالفعل؟ ثم ما وجه الضرر الذي سيلحق بالمجتمع اذا كانت أمي نعيمة لا تعترف بكورونا؟ هل أمي نعيمة بلغت درجة خطورة دونالد ترامب الذي ظل يقول نفس الشيئ على الملأ؟ ألهذا الحد لا تثق الدولة في وعي شعبها، وتخاف عليه من الضلال حين سيسمع تأكيدات امي نعيمة حول عدم وجود هذا الفيروس اللعين؟ أم أنها لا تثق في فعالية آلتها الدعائية الضخمة، بقنواتها التلفزية وإذاعاتها وأجهزة سلطتها والجمعيات التي تساندها، وتخشى ان تغلبها قناة أمي نعيمة على اليوتيوب؟ يا لهشاشة دولة تخاف من اكاذيب امرأة ساذجة. ويا لقسوة هذه الدولة التي اهملت مصداقيتها لعدة عقود، مفضلة توجيه إعلامها في أيام الرخاء نحو منافسة رداءة قنوات أمي نعيمة وامثالها. من زرع الريح يحصد العاصفة.
يخيل إلي من خلال ما يجري، سواء على صعيد المجتمع (المشهد الأول) او على صعيد الدولة (المشهد الثاني)، اننا جميعا نحمل فكرة عن الشعب مؤداها ان هذا الشعب يسهل تضليله بالترهات، ولذلك ننصب انفسنا أوصياء على وعيه، ونستنجد بالمحاكم والعقوبات للضرب بقوة على يد كل من نشك في انه يضلل شعبنا.
فلينم هذا الشعب المغلوب على ذكائه قرير العين فلن يضل ابدا ما دامت هناك دولة تحرسه من الضلال ونخب تبذل قصارى جهدها لتوطيد طمأنينته الذهنية.

الجمعة، 17 أبريل 2020

ميشيل دوفلي: التعليم في زمن كورونا، ترجمة: عبد الرحيم كلموني



إليكم هذه الترجمة لنص للباحث البيداغوجي الفرنسي ميشيل دوفلي من وحي هذه اللحظة الاستثنائية التي أجبرت ملايين التلاميذ على الانقطاع عن الذهاب إلى المدرسة والاعتكاف في البيت، وهي لحظة تستدعي مساءلة دور المدرسة والأسرة ومحتويات التعليم وأهمية الكفايات الحياتية. قراءة مفيدة(عبد الرحيم كلموني)
في أوقات الحجر الصحي هذه، يصبح بعض الآباء معلمين لأطفالهم، فيدركون، عندئذ، صعوبات هذه المهنة ويكتشفون أنها مهنة حقيقية. فناهيك عن عدد الأطفال الذين يكون المعلم مسؤولاً عن تطوير علاقتهم بالمعرفة، لا يواجه هؤلاء الآباء الصعوبات التي تمثلها العلاقة مع القانون في جعل التلاميذ يكتشفونه ويشاركون في بنائه ويحترمونه. فضلا عن ذلك، فإن التدريس الذي يقومون به ليس، في الغالب، سوى تكرار لسلاسل من التمارين، أو مصاحبة لتقديم مفاهيم واضحة للغاية على أمل أن يكتسبها أطفالهم.
هذا العمل هو أشبه بعمل مدرسي المدارس في القرن التاسع عشر منه بعمل مدرسي اليوم.
لقد كانت الفئة الأولى تهتم فقط بالمعرفة؛ خاصة القراءة والكتابة والحساب. وكانت الكلمتان الأساسيتان هما المعرفة والتلقين.
أما الفئة الثانية فهي مهتمة بالكفايات التخصصية (معارف عملية) في تضافر مع الكفايات العرضانية (بالإنجليزية live skills، وبالفرنسية les compétences de vie...) والتي تسمى "تفكيرا ناقدا"، و"تعاونا"، و"إبداعا"، و"تفاوضا"، و"مشاركة"، و"حل مشكلات"، و"تعاطفا"… إلخ. الانشغال المركزي لمدرسي اليوم هو تمكين التلاميذ من اكتساب الكفايات.
إذا اكتشف الآباء في لحظات الحجر الصحي هذه أن التدريس، لكي يتحقق بشكل تام، يتطلب تكوينا - للتحكم، على الأقل، في معنى المحتوى المراد تدريسه - فإن التوقف عند الأحداث التي يتم نشرها في وسائل الإعلام وتأملها، يمكن أن يسمحا لهم، مع ذلك، بمساءلة محتوى ما ينبغي تدريسه لأبنائهم. أشكال الأنانية الوطنية (تمَّ التنديدُ، قبل أيام بدولة أوروبية قرصنت أقنعة كانت الصين قد بعثت بها إلى دولة أوروبية أخرى)، الشكوكُ المثارةُ إزاء دواء يستخدمه بعض الأطباء دون خضوعه لتجريب كافٍ حول آثاره الجانبية بموجب ذريعة وحيدة هي قسم أبقراط، تصريحات بعض رجال الدين ومن شابههم ( فالفيروس، في نظر السيد هاني رمضان، مدير المركز الإسلامي في جنيف، هو " أن الناس يجاهرون بممارسة الرذيلة، مثل الزنا والخيانة الزوجية ، مما يؤدي إلى ظهور أمراض وأوبئة جديدة ") ، ورفضُ بعض مواطنينا احترام إجراءات الحجر الصحي باسم الحرية الفردية، ويمكننا إيراد مزيد من الأمثلة، كل هذه الحقائق ترجح إمكانية استفادة المدرسة من الاهتمام بالمهارات الحياتية.
التعاون (للعيش في تضامن مع من يشاركنا نفس المعتقد الديني)، والتفكير الناقد (من أجل الاحتياط من الأخبار الزائفة المحتملة)، وصنع القرار (بعد جرد ما هو ممكن، وما هو محتمل، وما هو أكيد)، وحل المشكلات (المشكلات المستجدة في هذه الفترات الصعبة من حيث النشاط البدني ، وحياة القرب الأسري، والإكراهات الاقتصادية والصحية، وما إلى ذلك) والإبداع (لابتكارِ وسائل للاستجابة لهذه المواقف الجديدة)، تُعَدُّ كل هذه الكفايات الحياتية محتوى تعليميا ينبغي أن يكتسبه المتعلم بمقدار ما يكتسبه من معارف مجزأة، تم فصلها عن مصدرها، وعن الفائدة المتوخاة منها، وباختصار، عن معناها.
هذا الاهتمام بالمهارات الحياتية، التي قد أتاحت لنا هذه اللحظة الإحساس بأهميتها، يدعونا إلى عدم تصورها في انفصال عن المعرفة التخصصية المألوفة. فالتعاون لا يتم في المطلق، بل داخل عمل نقيس معناه بمقدار المعرفة التي ينطوي عليها. وحل المشكلات لا يحصل بدون المعارف اللازم استخدامها.
حين تنهار كل القيم - التي تجعلنا، نحن النساءَ والرجالَ، مهتمين وسعداء بالعيش مع نساء ورجال آخرين مختلفين عنا باختلاف ثقافتهم -، حين تتآكل هذه القيم وتتلاشى، تصير الإديولوجياتُ وما تعتقده بوصفه حقيقةَ تدعي وحدَها امتلاكَها، والأديانُ التي ترى أن كل شيء قد تم تدوينه سلفا و تكفي إعادة قراءته، وكل أنواع الأنانية (تصيرُ) ملاذاتٍ يتم اللجوءُ إليها. يجب تطوير المهارات الحياتية، أكثر من أي وقت مضى، لدى تلاميذ المدارس، وعلى مستوى الأطفال داخل الأسر، وعلى مستوى المواطنين وأيضًا ... على مستوى الدول وحاكميها.
ميشل دوفلاي
M.Develay

23 مارس 2020
ترجمة عبد الرحيم كلموني