تأصيل الأصيل ومحاورة الحداثة: قراءة في ديوان أزيز الصمت

في الملحق الثقافي لجريدة العلم ليوم الخميس 2 أبريل 2020 تقرأون هذه الدراسة القيمة التي أنجزها الناقد مصطفى فرحات لديوان أزيز الصمت

التفاعل التأملي:دراسة في تلقي القدامى شعر أبي تمام - المختار السعيدي

عن دار تموز للطباعة والنشر بسوريا؛ الطبعة الأولى 2020

صدور ديواني الثاني: الرحيل، أغنيات التيه في جنة الضياع

عن دار القلم بالرباط صدر ديواني الثاني "الرحيل: أغنيات التيه في جنة الضياع" الديوان تجدونه في المكتبات: الرباط: دار الأمان + الألفية الثالثة فاس: مكتبة الفجر تازة: مكتبة السوسي اخترت لكم هذا النص وهو القصيدة الأخيرة من الديوان:

الدهشة الجمالية

عن مطبعة عين برانت بوجدة ومنشورات جمعية الضاد صدر كتابي "تفاعل الدهشة الجماليةدراسة في تلقي شعر أبي تمام من لدن معاصريه" مقدمة الكتاب

التلقي المنتج

عن دار الأنوار بوجدة صدر كتابي النقدي الأول المعنون بالتلقي المنتج

الأحد، 23 أغسطس 2020

قراءة في بلاغ السبت: "تعليم حضوري" يربك "التعليم عن بعد" - المختار السعيدي

 

بلاغ السبت زاد الدخول المدرسي ارتباكا وقذف به في لجة الغموض، حاول أن يمسك العصا من الوسط لكنه لم يمسك العصا أصلا،

يتحدث البلاغ عن السياق المحدد في "التدابير الاحترازية لمواجهة الوباء"، ويصف الوضعية الوبائية بـ "المقلقة"، والأهم هو الحديث عن "مخطط متكامل" بلورته وزارة التربية الوطنية، يتم تنزيله وفق المستجدات الوبائية؛ ولست أدري هل المخطط المتكامل هو المقرر الوزاري المنظم للموسم الدراسي 2020/2021، أم هو سر من أسرار وزارة التربية الوطنية يتم تنزيله من عل، أمام كل مستجد يراه المدبر كذلك؟

مهما يكن فقد أعلنت الوزارة في الفقرة الثانية من البلاغ عن قرارها المتمثل في تبني صيغة "التعليم عن بعد"، وهو ما يحيلنا على أحد السيناريوهات التي حددتها الوزارة سابقا، وينسجم مع تطور الوضعية الوبائية، علما أن هذا القرار يشمل فقط بداية الموسم الدراسي – في انتظار بلاغات جديدة تحدد دلالة مفهوم البداية – كما يشمل "جميع الأسلاك والمستويات بكافة المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية ومدارس البعثات الأجنبية"؛ إلى حد هنا يمكن اعتبار القرار سليما ومنطقيا؛ غير أننا نفاجأ بعبارة في الفقرة نفسها تنسف القرار نفسه، وتوقع القارئ في حيص بيص؛ وهي: (مع توفير "تعليم حضوري" بالنسبة للمتعلمين الذين سيعبر أولياء أمورهم عن اختيار هذه الصيغة، على أن يتم وضع آلية تمكن الأسر الراغبة في ذلك من التعبير عن هذا الاختيار)

تنكير "تعليم حضوري" في هذه العبارة له دلالته، لما يفيده التنكير من إبهام وغموض، فحتى التعليم عن بعد الذي عرفنا بعض تجلياته خلال نهاية الموسم الماضي ورد بصيغة التعريف، بينما التعليم الحضوري هنا يبقى مبهما غامضا، لأنه من جهة يخضع لشرط تعبير الأولياء عن رغبتهم في اختيار هذه الصيغة، عبر آلية لم تحدد بعد !

هذه الصيغة تختلف بدون شك عن التعليم الحضوري المألوف لأنها ترد في ظروف استثنائية ومقيدة باتباع التدابير الاحترازية، وهي قبل ذلك مشروطة بتعبير الأولياء عن رغبتهم فيها عبر آلية ننتظر صيغتها وجدولتها الزمنية...

لا يمكن أن نمر على هذه الصيغة دون أن تذكر اجتماع رئيس الحكومة ووزير التربية الوطنية مع أرباب المؤسسات الخاصة بداية غشت بعيد صدور المقرر الوزاري المنظم للدخول المدرسي، حيث ألح أرباب المؤسسات الخاصة على ضرورة تبني صيغة التعليم الحضوري، لأن التعليم عن بعد حرمهم من موارد مالية وخلق لهم مشاكل مع آباء التلاميذ الذين لم يقنعهم أداء المؤسسات الخاصة عن بعد، حيث اعتمد جلها على تطبيق الدردشة الوتساب من أجل تقديم دروس تعليمية عن بعد!

هذه الصيغة – تعليم حضوري -  أربكت القرار الأصل، وقد تجرده من قيمته في حال تعبير أكبر عدد من الأسر عن رغبتها في الصيغة الحضورية، مما يجعل هذا القرار مؤجلا إلى حين معرفة الأسر الراغبة في الصيغة الحضورية، مما يلزم معه تأجيل التخطيط وجدولة الحصص وتشخيص المكتسبات والدعم إلى ما بعد الاطلاع على تصنيف جديد يفيئ التلاميذ إلى صنفين: صنف التعليم الحضوري، وصنف التعليم عن بعد؛ ولكل صنف طريقة تدريس وتقويم، وقبل ذلك طريقة بناء جدول حصص للمدرس والمتعلم كليهما، وتحديد أقسام وتوزيع أساتذة....

مما يجعلنا أمام سيناريوهات جديدة ولكل سيناريو خطة عمل:

ü      سيناريو اختيار الأغلبية الصيغة الحضورية

ü      سيناريو اختيار الأغلبية للتعليم عن بعد

ü       سيناريو تقارب الاختيارين...

ومهما كان السيناريو، فإن الثابت أن ذلك سيفتح شرخا جديدا في بينة النظام التعليمي، ويجعل باب الأسئلة مشرعة:

كيف سيتم تحقيق تكافؤ الفرص بين المدرسة العمومية والخصوصية في حال ظهور البون جليا في اختيار إحدى الصيغتين بين المدرستين؟

كيف سيتم تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين تلاميذ المؤسسة نفسها ممن اختلفت اختياراتهم بين الصيغتين؟ وكيف سيتم توزيع الأساتذة؟  وقبل ذلك تحديد البنية التربوية للمؤسسة؟ علما أن التسجيل وإعادة التسجيل لم تبدأ بعد، وقد كانت – في الظروف العادية – تتم في نهاية الموسم السالف، ورغم ذلك كنا نشهد تأخرا في الانطلاق الفعلي للعملية التعليمية التعلمية.

كيف سيتم تقويم التعليم عن بعد في ظل وجود تلاميذ يتلقون تعليما حضوريا؟ وما مدى فاعلية التقويم عن بعد؟ وهل سيكون بمستوى التقويم الحضوري؟ ألا يعمق هذا الفجوة بين التلاميذ!!

ما محل شهر شتنبر المخصص لدعم التعثرات التي سجلها التعليم عن بعد في شهور الموسم الماضي؟ هل سيستفيد تلاميذ التعليم الحضوري من ذلك الدعم ويحرم منه تلاميذ التعليم عن بعد؟ بل ما محل الفئة الثالثة التي سكت عنها البلاغ: فئة التلاميذ الذين لا يتمكنون من متابعة التعليم عن بعد وليس بإمكانهم التعليم الحضوري...

ألا يعد توفير "تعليم حضوري" مجازفة بصحة المتعلمين "الأطفال" خاصة؟

كيف سيتم تقديم الدرس حضوريا في ظل إلزامية الكمامات، مع ما يتطلبه من تباعد، وحرص على تجنب اللمس "الأوراق والدفاتر والكتب والأقلام والسبورة..."....

وما دمنا تحدثنا عن الكمامة، فإن الغريب في البلاغ الإخباري هو الحديث عن إلزامية الكمامات ابتداء من المستوى الخامس ابتدائي، فهل تلاميذ المستوى الرابع يعفون من الكمامات؟ أم يعفون من التعليم الحضوري؟ ألا يمكن أن يكونوا ناقلين للفيروس أو منقولا إليهم؟؟

يتحدث البلاغ عن تقليص عدد التلاميذ، وهو ما يفتح المجال أمام تغيير عميق في الجدولة الزمنية والبنية التربوية للمؤسسة، ويتطلب ترشيدا آمنا للموارد البشرية في حال اختيار الصيغة الحضورية من لدن أسر كثيرة؛ ونحن نعلم أن ثمة خصاصا في الموارد البشرية في الأقسام المكتظة أصلا؛ مما يجعل تقليص الحصص الأسبوعية ضرورة ملحة، لكن كيف سيتم ذلك؟ وهل ستكون بعض المواد ضحية قرارات رعناء!!

نجد حديثا عن إمكانية تكييف القرار على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الجهوي في فقرة موالية من البلاغ: فهل ثمة معايير محددة تشكل مرجعا يمكن أن يعتمد في هذا التكييف؟

ألا يعد تأجيل الامتحان الجهوي إشارة ضمنية للأسر بضرورة تبني التعليم عن بعد، لأن الامتحان الجهوي يخص مستوى واحدا "الأولى بكالوريا" ويتضمن ثلاثة مواد أو أربعة " ويجرى في يومين، فلماذا التأجيل في وقت تحرص الوزارة على توفير "تعليم حضوري"، مع العلم أن هذا الامتحان جهوي: وقد رأينا أن الوزارة تحدثت عن إمكانية تكييف القرار جهويا...فهل هذا يعني أن الوزارة تفكر في إلغائه وتقديم بديل لامتحان وطني استثنائي تدمج فيه مواد الامتحان الجهوي؟

هذه بعض الأسئلة التي نهدف من خلالها إلى الدفع بالنقاش إلى السكة الصحيحة، بعيدا عن النقد المجاني، لأن الظرف استثنائي يتطلب تظافر جهود الجميع...

وفي هذا الصدد أقترح تأجيل التحاق التلاميذ بالمدارس، مع تخصيص شهر شتنبر لتكوين الأطر التربوية وتبيئة المؤسسات وتجهيزها وتوفير الموارد الرقمية، على أن يتم التحاق التلاميذ ابتداء من أكتوبر عبر تفويجهم وإعادة النظر في توزيع ساعات التعلم عبر المزاوجة بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد، ودعم الفئات الهشة عبر توفير الأجهزة والموارد الرقمية وكذا توفير الانترنت المجاني للمواقع التعليمية التي تقدم الدروس الرسمية....وعلى الله قصد السبيل

المختار السعيدي