تأصيل الأصيل ومحاورة الحداثة: قراءة في ديوان أزيز الصمت
في الملحق الثقافي لجريدة العلم ليوم الخميس 2 أبريل 2020 تقرأون هذه الدراسة القيمة التي أنجزها الناقد مصطفى فرحات لديوان أزيز الصمت
التفاعل التأملي:دراسة في تلقي القدامى شعر أبي تمام - المختار السعيدي
عن دار تموز للطباعة والنشر بسوريا؛ الطبعة الأولى 2020
تطوير ديدكتيك درس العروض بالتعليم الثانوي التأهيلي: المختار السعيدي
طالع مقدمة الكتاب
صدور ديواني الثاني: الرحيل، أغنيات التيه في جنة الضياع
عن دار القلم بالرباط صدر ديواني الثاني "الرحيل: أغنيات التيه في جنة الضياع" الديوان تجدونه في المكتبات: الرباط: دار الأمان + الألفية الثالثة فاس: مكتبة الفجر تازة: مكتبة السوسي اخترت لكم هذا النص وهو القصيدة الأخيرة من الديوان:
الدهشة الجمالية
عن مطبعة عين برانت بوجدة ومنشورات جمعية الضاد صدر كتابي "تفاعل الدهشة الجماليةدراسة في تلقي شعر أبي تمام من لدن معاصريه" مقدمة الكتاب
التلقي المنتج
عن دار الأنوار بوجدة صدر كتابي النقدي الأول المعنون بالتلقي المنتج
الثلاثاء، 29 ديسمبر 2020
الاثنين، 28 ديسمبر 2020
الأحد، 27 ديسمبر 2020
الجمعة، 25 ديسمبر 2020
الجمعة، 11 ديسمبر 2020
لنْ أطبِّعْ - شعر : المختار السعيدي
لن أطبعْ - شعر : المختار السعيدي
=================
لنْ أطبّعْ
ولوِ انساقتْ ملايين الحناجرْ
خلْفَ وهْمٍ، خلْف مطْمَعْ
لنْ أطبّعْ
نورُ عيني لا يَرى فيكَ سوى بؤسِ المجازرْ
وفؤادي نابِضٌ بالغضبِ المدفونِ في عُمْقِ المشاعرْ
لن أطبعْ
قاتل الأطفال يبقى لي عدوّا
غاصب الأحلام يلقاني عدوّا
سارق الآمال يشْقى بي عدوّا!
بشِعٌ أنْت و"تاريخك" أبْشعْ
هكذا علّمتُ أولادي
كذا علمتُ أحفادي
يدي حين تراها
رُفعتْ يا أيها العابرْ
تأملْ
في مداها
واقرأ السّمْياء في بُركان عيني
ثمّ أوّلْ
بعْض ظنّي
منْ رؤاها
وحْدَك اسْألْ
وأجبْني:
أرفعْتُ اليدَ مني
كيْ أطبِّعْ..
أمْ لِأَصْفَعْ؟!
======================
المختار السعيدي
11 دجنبر 2020
السبت، 24 أكتوبر 2020
أخطاء عروضية - د محمد مفتاح (مفاهيم موسعة لنظرية شعرية) - بقلم: المختار السعيدي
لست أدري كيف غاب عن الناقد المغربي د. محمد مفتاح أن القصيدة من بحر المتدارك، فزعم أن نص المجاطي من بحر المتقارب وقطعه هذا التقطيع الغريب، رغم أن التفعيلة (وليس التفعلة كما يقول) الأولى توصلنا إلى نوع البحر بيسر: كان حيـ= فاعلن؛ وأرى أن هذا الخلط يرجع إلى وقوع البحر مع المتقارب في الدائرة نفسها، إلى جانب اعتماد الشاعر التدوير الذي يجعل بدايات بعض الأسطر تسير على إيقاع المتقارب، من ذلك السطر الثالث:
أعد له قهوة العصر
في ظاهرها : فعول فعولن فعولن فـ...
لكن تقطيع السطر:
علن فعِلن فاعلن فاع....
وبذلك ينسف هذا الخطأ الأحكام التي انبنت عليه لاحقا في هذا النص!
بل من العجيب الغريب أن يقف الناقد عند البداية فيقول بالحرف:
"ثانيا: يلاحظ أن هناك خدعة عروضية وظفها الشاعر لتضليل قارئه حتى لا يعثر بسهولة على نوع إيقاع القصيدة. تبتدئ القصيدة ب (كان حين)، ثم (كان يمنحني)، ولا يستقيم الإيقاع هنا إلا بحذف (كا) أو بعدم اعتبارها؛ وعليه، فإن (كا) إما من قبيل ما يسميه العروضيون بالخزم الذي أتوا له بشواهد عديدة؛ وإما أن القصيدة مدورة لتكميل آخر تفعلة [هكذا] الما (ئدة) ببداية أول تفعلة [!] (كا)؛ أي فعولن"
أقول:
إن الناقد قد وقع فعلا ضحية تضليل قلة باع في علم العروض، حيث إن نفي استقامة الإيقاع باعتبار البداية ينافي ما يسهل على مبتدئ في علم العروض أن يصل إليه بدون تيه في خزم ولا تدوير غريب (تكميل آخر التفعيلة ببداية أول التفعيلة)!
والواقع أن المجاطي قد مزج في قصيدته بين بحري المتدارك والمتقارب حيث نظم الملصقة الثانية على بحر المتقارب؛ وعلم العروض يميز بين الإيقاعين، غير أن نظام التفعيلات الرقمية يجعل الإيقاع يتراوح غالبا بين 4 و5، دون تمييز بين البحرين!!
السبت، 26 سبتمبر 2020
أريج الأفهام في عروض الأرقام - د. المختار السعيدي
الأحد، 13 سبتمبر 2020
الأحد، 23 أغسطس 2020
قراءة في بلاغ السبت: "تعليم حضوري" يربك "التعليم عن بعد" - المختار السعيدي
بلاغ السبت زاد الدخول
المدرسي ارتباكا وقذف به في لجة الغموض، حاول أن يمسك العصا من الوسط لكنه لم يمسك
العصا أصلا،
يتحدث البلاغ عن السياق
المحدد في "التدابير الاحترازية لمواجهة الوباء"، ويصف الوضعية الوبائية
بـ "المقلقة"، والأهم هو الحديث عن "مخطط متكامل" بلورته
وزارة التربية الوطنية، يتم تنزيله وفق المستجدات الوبائية؛ ولست أدري هل المخطط
المتكامل هو المقرر الوزاري المنظم للموسم الدراسي 2020/2021، أم هو سر من أسرار
وزارة التربية الوطنية يتم تنزيله من عل، أمام كل مستجد يراه المدبر كذلك؟
مهما يكن فقد أعلنت
الوزارة في الفقرة الثانية من البلاغ عن قرارها المتمثل في تبني صيغة
"التعليم عن بعد"، وهو ما يحيلنا على أحد السيناريوهات التي حددتها
الوزارة سابقا، وينسجم مع تطور الوضعية الوبائية، علما أن هذا القرار يشمل فقط
بداية الموسم الدراسي – في انتظار بلاغات جديدة تحدد دلالة مفهوم البداية – كما يشمل
"جميع الأسلاك والمستويات بكافة المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية
ومدارس البعثات الأجنبية"؛ إلى حد هنا يمكن اعتبار القرار سليما ومنطقيا؛ غير
أننا نفاجأ بعبارة في الفقرة نفسها تنسف القرار نفسه، وتوقع القارئ في حيص بيص؛ وهي:
(مع توفير "تعليم حضوري" بالنسبة للمتعلمين الذين سيعبر أولياء أمورهم
عن اختيار هذه الصيغة، على أن يتم وضع آلية تمكن الأسر الراغبة في ذلك من التعبير
عن هذا الاختيار)
تنكير "تعليم
حضوري" في هذه العبارة له دلالته، لما يفيده التنكير من إبهام وغموض، فحتى
التعليم عن بعد الذي عرفنا بعض تجلياته خلال نهاية الموسم الماضي ورد بصيغة
التعريف، بينما التعليم الحضوري هنا يبقى مبهما غامضا، لأنه من جهة يخضع لشرط
تعبير الأولياء عن رغبتهم في اختيار هذه الصيغة، عبر آلية لم تحدد بعد !
هذه الصيغة تختلف بدون
شك عن التعليم الحضوري المألوف لأنها ترد في ظروف استثنائية ومقيدة باتباع
التدابير الاحترازية، وهي قبل ذلك مشروطة بتعبير الأولياء عن رغبتهم فيها عبر آلية
ننتظر صيغتها وجدولتها الزمنية...
لا يمكن أن نمر على هذه
الصيغة دون أن تذكر اجتماع رئيس الحكومة ووزير التربية الوطنية مع أرباب المؤسسات
الخاصة بداية غشت بعيد صدور المقرر الوزاري المنظم للدخول المدرسي، حيث ألح أرباب
المؤسسات الخاصة على ضرورة تبني صيغة التعليم الحضوري، لأن التعليم عن بعد حرمهم
من موارد مالية وخلق لهم مشاكل مع آباء التلاميذ الذين لم يقنعهم أداء المؤسسات
الخاصة عن بعد، حيث اعتمد جلها على تطبيق الدردشة الوتساب من أجل تقديم دروس
تعليمية عن بعد!
هذه الصيغة – تعليم حضوري
- أربكت القرار الأصل، وقد تجرده من قيمته
في حال تعبير أكبر عدد من الأسر عن رغبتها في الصيغة الحضورية، مما يجعل هذا
القرار مؤجلا إلى حين معرفة الأسر الراغبة في الصيغة الحضورية، مما يلزم معه تأجيل
التخطيط وجدولة الحصص وتشخيص المكتسبات والدعم إلى ما بعد الاطلاع على تصنيف جديد
يفيئ التلاميذ إلى صنفين: صنف التعليم الحضوري، وصنف التعليم عن بعد؛ ولكل صنف
طريقة تدريس وتقويم، وقبل ذلك طريقة بناء جدول حصص للمدرس والمتعلم كليهما، وتحديد
أقسام وتوزيع أساتذة....
مما يجعلنا أمام
سيناريوهات جديدة ولكل سيناريو خطة عمل:
ü سيناريو اختيار
الأغلبية الصيغة الحضورية
ü سيناريو اختيار
الأغلبية للتعليم عن بعد
ü
سيناريو تقارب الاختيارين...
ومهما كان السيناريو،
فإن الثابت أن ذلك سيفتح شرخا جديدا في بينة النظام التعليمي، ويجعل باب الأسئلة
مشرعة:
كيف سيتم تحقيق تكافؤ
الفرص بين المدرسة العمومية والخصوصية في حال ظهور البون جليا في اختيار إحدى الصيغتين
بين المدرستين؟
كيف سيتم تحقيق مبدأ
تكافؤ الفرص بين تلاميذ المؤسسة نفسها ممن اختلفت اختياراتهم بين الصيغتين؟ وكيف
سيتم توزيع الأساتذة؟ وقبل ذلك تحديد
البنية التربوية للمؤسسة؟ علما أن التسجيل وإعادة التسجيل لم تبدأ بعد، وقد كانت –
في الظروف العادية – تتم في نهاية الموسم السالف، ورغم ذلك كنا نشهد تأخرا في
الانطلاق الفعلي للعملية التعليمية التعلمية.
كيف سيتم تقويم التعليم
عن بعد في ظل وجود تلاميذ يتلقون تعليما حضوريا؟ وما مدى فاعلية التقويم عن بعد؟
وهل سيكون بمستوى التقويم الحضوري؟ ألا يعمق هذا الفجوة بين التلاميذ!!
ما محل شهر شتنبر
المخصص لدعم التعثرات التي سجلها التعليم عن بعد في شهور الموسم الماضي؟ هل
سيستفيد تلاميذ التعليم الحضوري من ذلك الدعم ويحرم منه تلاميذ التعليم عن بعد؟ بل
ما محل الفئة الثالثة التي سكت عنها البلاغ: فئة التلاميذ الذين لا يتمكنون من
متابعة التعليم عن بعد وليس بإمكانهم التعليم الحضوري...
ألا يعد توفير
"تعليم حضوري" مجازفة بصحة المتعلمين "الأطفال" خاصة؟
كيف سيتم تقديم الدرس
حضوريا في ظل إلزامية الكمامات، مع ما يتطلبه من تباعد، وحرص على تجنب اللمس
"الأوراق والدفاتر والكتب والأقلام والسبورة..."....
وما دمنا تحدثنا عن
الكمامة، فإن الغريب في البلاغ الإخباري هو الحديث عن إلزامية الكمامات ابتداء من
المستوى الخامس ابتدائي، فهل تلاميذ المستوى الرابع يعفون من الكمامات؟ أم يعفون
من التعليم الحضوري؟ ألا يمكن أن يكونوا ناقلين للفيروس أو منقولا إليهم؟؟
يتحدث البلاغ عن تقليص
عدد التلاميذ، وهو ما يفتح المجال أمام تغيير عميق في الجدولة الزمنية والبنية
التربوية للمؤسسة، ويتطلب ترشيدا آمنا للموارد البشرية في حال اختيار الصيغة
الحضورية من لدن أسر كثيرة؛ ونحن نعلم أن ثمة خصاصا في الموارد البشرية في الأقسام
المكتظة أصلا؛ مما يجعل تقليص الحصص الأسبوعية ضرورة ملحة، لكن كيف سيتم ذلك؟ وهل
ستكون بعض المواد ضحية قرارات رعناء!!
نجد حديثا عن إمكانية
تكييف القرار على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الجهوي في فقرة موالية من البلاغ:
فهل ثمة معايير محددة تشكل مرجعا يمكن أن يعتمد في هذا التكييف؟
ألا يعد تأجيل الامتحان
الجهوي إشارة ضمنية للأسر بضرورة تبني التعليم عن بعد، لأن الامتحان الجهوي يخص
مستوى واحدا "الأولى بكالوريا" ويتضمن ثلاثة مواد أو أربعة " ويجرى
في يومين، فلماذا التأجيل في وقت تحرص الوزارة على توفير "تعليم حضوري"،
مع العلم أن هذا الامتحان جهوي: وقد رأينا أن الوزارة تحدثت عن إمكانية تكييف
القرار جهويا...فهل هذا يعني أن الوزارة تفكر في إلغائه وتقديم بديل لامتحان وطني
استثنائي تدمج فيه مواد الامتحان الجهوي؟
هذه بعض الأسئلة التي
نهدف من خلالها إلى الدفع بالنقاش إلى السكة الصحيحة، بعيدا عن النقد المجاني، لأن
الظرف استثنائي يتطلب تظافر جهود الجميع...
وفي هذا الصدد أقترح
تأجيل التحاق التلاميذ بالمدارس، مع تخصيص شهر شتنبر لتكوين الأطر التربوية وتبيئة
المؤسسات وتجهيزها وتوفير الموارد الرقمية، على أن يتم التحاق التلاميذ ابتداء من
أكتوبر عبر تفويجهم وإعادة النظر في توزيع ساعات التعلم عبر المزاوجة بين التعليم
الحضوري والتعليم عن بعد، ودعم الفئات الهشة عبر توفير الأجهزة والموارد الرقمية
وكذا توفير الانترنت المجاني للمواقع التعليمية التي تقدم الدروس الرسمية....وعلى
الله قصد السبيل
المختار السعيدي
الخميس، 30 يوليو 2020
الثلاثاء، 28 يوليو 2020
السبت، 18 يوليو 2020
الجمعة، 17 يوليو 2020
الخميس، 16 يوليو 2020
كتابة بحبر العدم! شعر: المختار السعيدي
الأحد، 21 يونيو 2020
تعليم اللغة العربية وتعلمها عن بعد بين هاجس الاستمرارية وطموحات التطوير - ندوة عن بعد: المنسقية الجهوية للائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية فاس مكناس
الأحد، 14 يونيو 2020
القصيدة الكوفيدية - المختار السعيدي
============
المختار السعيدي
الثلاثاء، 26 مايو 2020
معجم كوفيد 19: مكتب تنسيق التعريب الرباط
صدر عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وجهازها المختص مكتب تنسيق التعريب بالرباط معجم مصطحات كوفيد 19 (إنجليزي – فرنسي –عربي)؛ ويتوخى إصدار هذا المعجم غايات ثلاث:
- الإسهام في توحيد المصطلح المتعلق بفيروس كورونا على المستوى العربي.
- رصد أبرز المصطلحات المتعلقة بفيروس كورونا ومرض كوفيد 19 من المقالات العلمية،
والمواقع المتخصصة، والمجلات الطبية، وتصنيفها وفق المنهجية المعتمدة في وضع المعاجم الموحدة؛ فجاء المصطلح العربي مع مقابلاته الإنجليزية والفرنسية مشفوعاً بشرح مقتضب للمعنى.
- وضع معجم مُتخصِّص بين يدي المهتمين بالمجال الصحي والوبائي يمكنهم من استعمال أداة مصطلحية مُوحَّدة.
ساهم في إعداد هذه النسخة الأولية من معجم مصطلحات كوفيد 19 كل من:
إيمان كامل النصر – إدريس قاسمي – لينا إدريسي ملولي – مرية الشوياخ – عبد الحميد الأشقري البكدوري - بإشراف الدكتور عبد الفتاح الحجمري مدير المكتب.
ويرجو الفريق المُعدّ من الباحثين المهتمين تمكينه، عند الاقتضاء، من ملاحظاتهم وآرائهم لأخذها بالاعتبار في الطبعات اللاحقة.
يشتمل المعجم على 188 مدخلا باللغات الثلاث العربية والفرنسية والإنجليزية، ويتضمن فهرسا عربيا وفرنسيا مصاحبا
|
المصدر
الاثنين، 20 أبريل 2020
درر سعيد عبيد: ليس للصلوات آذان!
سعيد عبيد
الأحد، 19 أبريل 2020
السبت، 18 أبريل 2020
إبداعات كورونا (4) - تَاجْمُوتْ؛ أحمد بوزفور
ــــــــــــــــــ
قلت: أُغلق الباب
ــ لا داعي
ــ والكِمامة؟
ــ لا داعي
وضعاني بينهما، فسرتُ وأنا أحاول أن أُوازن سيري مع إيقاعهما: إذا أبطأتُ دَعَّني الذي ورائي، وإذا أسرعتُ صدمني الذي أمامي... حتى وصلنا إلى قصر منعزل في ضواحي المدينة: قصر ليس له نوافذ ولا شرفات ولا أبواب. وله قباب مجنحة كأنها قبعاتُ الكوبوي، وحجارةٌ صفراء تعكس ضوء الغروب فيزيدها صفرةً وشحوباً، ويُضفي عليها رهبةً غريبة، كأنها ذَهَبٌ مريض.
دارا، ودرتُ بينهما، حول القصر حتى وقفا بي أمام باب مدفون لا يكاد يُرى، كأنه بابُ قبو. انفتح الباب على دهليز ( أو نفق؟ ) مظلم، سرنا فيه ببطء جنائزي، وأنا أستعين على الخطو:
ــ بتلمس جدارين صلبين باردين عن يميني وعن يساري
ــ وبالتفرُّس في قفا الجدار البشري الذي أمامي، والذي بدا لي ــ حجما وكثافةً ــ كأنه ظلامٌ داخل الظلام
ــ وبالتملص من الكير البشري الذي ورائي، والذي كان ينفث في قفاي أنفاسَ تنِّينٍ نَزَّاعةً للشَّوَى.
وصلنا إلى ما يبدو أنه باب، لأن الجدار البشري أمامي وقف. ثم أشعل مصباحاً يدويا أضاء باباً حديديا ضخما، قرأتُ مكتوباً في أعلاه:
( أيها الداخلون. اطرحوا عنكم كلَّ أمل )
فارتعدت فرائسي ( كانت فرائصَ، فلما قرأتُ هذا السطر الجحيمي أصبحت كلُّها فرائس ). طرق الجدارُ البشري الباب طرقَه القطنيَّ المكتوم، فانفتح البابُ على ضوء غسقي، وعلى روضة ( بكل معاني الروضة في الفصحى والدارجة ): أشجار ومياه وأعشاب... ولكنها جميعا شاحبةٌ صامتة يُشِعُّ منها نور قدسي كنور كُوَى المساجد، ويشيع فيها عبيرٌ مدوّخ، كأنه مزيج من عبق الصندل ورائحة الحنوط.
أوقفني الخازنان السياميان على بحيرة ساكنة كأن ماءها ملح أو كأنها جزء مقتطَع من البحر الميت. وقالا لي: انتظر هنا.
تلفَّتُّ حولي فرأيتُ على ضفة البحيرة، قريبا مني، رجلا أعمى يحتضن عوداً يحنو عليه حُنُوَّ المرضعات على الفطيم، ويكاد يضع أذنه اليمنى على أنامل يده التي تضرب على أوتار العود ضرباتٍ خافتةً متقطِّعةً، كأنه يُدَوْزِنُ ويضبط قبل أن يبدأ.
أحس الأعمى بخطواتي، فرفع رأسه وتفرَّسَ فيّ بأذنه اليسرى.. فلما وقفتُ بجانبه قال لي:
( اجلس. أنت جمهوري. سأُسمعك أغنيةَ اليوم. الشعرُ لي، واللحن كذلك، وهو من خفيف الثقيل الثاني ).
ثم بدأ العزفَ والغناء:
( سَجَا ليلُنا، والعاشقون تزوَّجوا
حبائبَهم، واختارَ ما قَدَروا القَدَرْ
ف ( فَوَّزَ ) عبَّاسٌ، و ( عَزَّ ) كُثَيِّرٌ
و ( بَثْنَنَ ) عينيه جميلٌ مدى العُمُرْ
و ( أَلْيَلَ ) قيسٌ قبلهم، وتناولَتْ
يداه ( الثُّرَيَّا )، قاعداً، عُمَرُ القَمَرْ
ونال أمانيه ب ( عبلةَ ) عنترٌ
وأُعْطِيَ ( أَسْماءَ ) المرقِّشُ فاستقَرّْ )
ثم غرس الأعمى عينيه البيضاوين في عينيّ وهو يختم أغنيتَه:
( ولم يبق إلا أنْ أُزَوَّدَ لحظةً
، ولو قَصُرَتْ، من ( زهرةِ ) القلب والنظَرْ )
ـــ يسمونها هنا ( تَاجْمُوتْ ). ولكنها كانت تُسمى قديما بأسماء مختلفة، فقد سماها الشنفرَى: ( أُمَّ عامر )، وسماها زهير ( أم قشعم )، وسماها الأعرابُ: ( أم مِلْدَمْ. التي تأكل اللحمَ وتشرب الدَّمْ )، وسماها خلَف الأحمر: أمَّ طَبَقْ:
( قد طَرَّقَتْ ببكرها أمُّ طَبَقْ
فأولدوها خبَراً ضخْمَ العُنُقْ
أطبقَ بالنَّحْسِ على كلِّ أُفُقْ )
وسماها المتنبي ( بنت الدهر )، وسماها المعجمُ الشعبي ( بنت الذين )، وسَمَّا... دقاتٌ متتابعة قطعتْ سردَ الأعمى، كأنها دقاتُ المسرح قبل رفع الستار.. ثم سمعنا صرخة كأنها صرخة ( محكمة ).. ولكنها كانت تعلن: ( الملكة تاجموت ).
ودخلت الملكة إلى الروضة، يتبعها موكبٌ من الخَزَنَة والزَّبانية. ولم تكن بحاجة إليهم، فهي وحدها ( بوجهٍ تَغَوَّلَ فاستغول، وشعر ( شعاعكُهُ ) مستشْزِراتٌ إلى الرَّدَى، وعينين حمراوين قانيتين كعيون الكلاب المسعورة.. وعلى رأسها المُغَوْفَل تاجٌ من العوسج يَخِزُ العيونَ قبل الجلود... ) هي وحدها، بهذا كله، تحمي ما حولها من الأرض حِمَى كُلَيْب بن وائل.
وقصدتني... آه يا أحبابي!! قصدتني.. فذبتُ حتى لم أعد أرى مني إلا خوفي. مدت يدَها المذراة المعقوفةَ إلى فمي، وأخذتْ تُقلِّبُ أسناني كما يُقلِّبُ الشَّنَّاقُ خروفَ العيد. ثم جسَّت ضلوعي البارزةَ، وقالت لمن حولها: ( ليس بعد. ردُّوه إلى مِذْوَدِه )، فلم أشعر إلا وأنا وحدي أمام باب شقتي المفتوح ما يزال. دخلتُ وأغلقتُ ( غَلَّقتُ ) البابَ خلفي، وأسرعتُ إلى الدوش.
( تَحَمَّمْتُ وتنَشَّفتُ ) كما يقول جبران... ولبستُ ( لِبْسَةَ المُتَفَضِّلِ ) كما يقول امرؤ القيس... و ( تكربعْتُ ) أمام التلفزيون، كما أقول أنا. أشعلتُه، فرأيتُ الدكتور اليوبي يتلو تقريرَه اليومي عن ضحايا كورونا. سكتَ حين رآني. تفحَّصني بعينيه الطبيبتين من وراء نظَّارته، وقال لي، من داخل شاشته ومن وراء كِمَامته،: ( ماذا جرى لك؟ ). قلتُ له:
ــ آه يا دكتور:
قد كان ما كان، ممَّا لستُ أذْكُرُهُ
فَظُنَّ خيراً، ولا تسألْ عن الخَبَرِ .
دراسات جديدة: كورونا يهاجم الأعصاب والدماغ
شعبنا "القاصر"، حرسه الله...بقلم: عز الدين بوينت
الجمعة، 17 أبريل 2020
ميشيل دوفلي: التعليم في زمن كورونا، ترجمة: عبد الرحيم كلموني
M.Develay
23 مارس 2020
ترجمة عبد الرحيم كلموني